الخميس، 13 مارس 2014

التسميات:
ملخص الخطبة إشارة إلى ما تحويه السورة من آداب عظيمة – قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن ... ) – من معاني الأخوة الإسلامية ومراتبها وآثارها : 1- الإيثار , وهي أعلى مرتبة وبها مدح الله الأنصار 2- مرتبة محبة لأخيه ما يحب لنفسه ما يحب لنفسه , وهي مرتبة الإيمان الكامل 3- مرتبة الإسلام وهي كف الأذى – خطورة سوء الظن وأثره على المجتمع المسلم – حال المؤمن في السراء والضراء – واقع الأمة المرير وبغيها على بعضها البعض وتكالب أعدائها عليها – واجب المسلم اليوم الخطبة الأولى أما بعد فقد قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم [الحجرات:12]. في سلسلة تسجيلنا إلي سورة الحجرات نصل اليوم إلي هذه الآية، الآية الثانية عشرة من هذه السورة الكريمة وقد تضمنت هذه الآية مجموعة من الأحكام الجليلة والآداب الرفيعة التي تنظم العلاقات بين المؤمنين وتبنى مجتمعاً إسلامياً قوياً متماسكاً يتكون من أفراد مؤمنين متحابين يظللهم مبدأ الاخوة الإسلامية وتجمع قلوبهم وشائج المحبة الإيمانية وشعارهم المسلم أخ المسلم, هذا الشعار الذي أطلقه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون الأساس المتين الذي يقوم عليه كيان المجتمع الإسلامي، نعم المسلم أخو المسلم ومن معاني هذه الأخوة أن يؤثر المسلم أخاه المسلم ويقدمه على نفسه وهذا نموذج من أرفع نماذج هذه الأخوة ودرجة من أعلى درجاتها وهي درجة الصحابة الكرام رضوان الله عليه أجمعين، وهي الدرجة التي مدح بها الأنصار على وجه الخصوص في القرآن العظيم، فإن لم يبلغ المسلم هذه المرتبة العظيمة الرفيعة في علاقته مع أخيه المسلم فالتي تليها وهي أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، لا يبلغ المسلم مرتبة الإيمان الحقيقي الكامل إلا بهذا، فإن لم يبلغ المسلم في تعامله مع أخيه المسلم حتى هذه المرتبة الثانية فأقل ما يجب عليه أن يكف لسانه ويده عن أخيه المسلم فلا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يسبه ولا يغتابه ولا يلمزه ولا ينبذه ولا يحقره ولا يسيء به الظنون, هذا هو واجب المسلم على أخيه المسلم وبدون هذا ليس هناك إلا الدمار والخراب وتمزق الصفوف وتباغض القلوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))[1] أي المسلم الحقيقي الصحيح الإسلام هو من هذا حاله وشأنه إذ أن من معاني الإسلام الأمان والسلامة فإن الإنسان بدخوله في الإسلام يسلم من يد المسلمين وألسنتهم, يسلم من سيوفهم يأمن على نفسه وعلى دمه وعلى ماله وعرضه كما أن الآخرين يأمنونه على أنفسهم وعلى دمائهم وعلى أموالهم وعلى أعراضهم فإن هذا من معاني الإسلام فالإسلام يكون بهذا كالسياج للإنسان، هو سياج من الأمن والسلام والسلامة هذا من معاني الإسلام ومن لم يكن بهذه المثابة فإن في إسلامه خللاً كبيراً وفي إيمانه نقصاً خطيراً. و إن من أشد الأمراض الاجتماعية فتكاً بالأفراد والجماعات، من أشد الأجواء الاجتماعية إفساداً للمجتمع المسلم وتمزيقاً لصفة وهدماً لكيانه سوء الظن والتجسس والغيبة ,و كل واحدة منها تحتاج إلى وقفة لكننا نبدأ اليوم بأولها بإشارة وجيزة لها تكملة إن شاء الله وهو سوء الظن، فعن عمر الفاروق رضي الله عنه قال: " لا تظنن بكلمة من أخيك إلا خيراً وأنت تجد لها محملاً على الخير"، لأن أخاك المسلم الأصل فيه أنه لا يريد بك إلا الخير فإذا صدرت منه كلمة أو موقف أو تصرف يحتمل احتمالات كثيرة الخير واحد منها فعليك أن تحمله على الخير. أما إن كان ليس هناك أي محمل لكلمته على الخير فأنت وذاك، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويقول: ((ما أطيبك وأطيب ريحك، وما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك دمه وماله وأن لا يظن به إلا خيراً))[2] صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. و روى مالك بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث))[3]. كم نوفر علي أنفسنا نحن المسلمين من جهود وطاقات تبدد وكم ندرأ عن أنفسنا من مفاسد لو تأدبنا بهذه الآداب القرآنية وامتثلنا لهذه التوجيهات النبوية. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. ________________________________________ [1] صحيح البخاري (10)، صحيح مسلم (41). [2] سنن ابن ماجة (3932). [3] موطأ مالك : كتاب حسن الخلق – باب ما جاء في الهاجرة (15).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة @ 2013 مدونة نور الهدي القراني .

Designed by Templateism